الحق سبحانه وتعالى يقول:
{أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء .. "185"} (سورة الأعراف)
يريد الله سبحانه وتعالى أن يلفت الكفار إلي أن في ملكوته أشياء كثيرة تدل على عظمته وقدرته، فإذا كان في السماء والأرض أشياء كبيرة الحجم تستطيع أن تراها بسهولة، فهناك من خلق الله أشياء دقيقة جداً لا تدرك بالعين، ومع ذلك فيها الحكمة العليا للخلق. وكلما دقت الصنعة كان ذلك محتاجاً إلي صانع ماهر وتكنولوجيا متقدمة، مثلاً ساعة (بج بن) ضخمة جداً عندما صنعت كانت شبه إعجاز، فلما تقدم الزمن وجدنا ساعة في حجم فص الخاتم تؤدي نفس مهمة ساعة بج بن.
إذن: فعظمة الخلق ليست في الحجم الكبير فقط، ولكنها في الأشياء التي تستطيع أن تدركها بعينك، مثلاً الميكروبات والجراثيم غاية في الدقة، ومع ذلك ففي هذا الحيز الصغير الذي يحتله كل مقومات حياتك. الناموسة الصغيرة تأتي وتمتص الدم جاهزاً منك، ولها خرطوم كالشعرة، أو أدق من الشعر، ومع ذلك يخترق الجسم بدقة وكفاءة أكثر من الإبرة الصلبة الكبيرة. والميكروبات الصغيرة تخترق جلدك، وتنفذ إلي الدم وتحدث بينها وبين كرات الدم البيضاء معركة يمرض لها الجسم كله، وترتفع درجة حرارته، ويحس الإنسان بالألم.
كيف استطاع هذا الميكروب الذي هو غاية في الدقة أن يفعل كل هذه الأشياء في هذا الجسم الضخم؟ (جسم الإنسان) فيجعله عاجزاً عن الحركة، وعن التفكير، وعن تناول الطعام وعن أشياء كثيرة؟ الله سبحانه وتعالى يريد أن يلفتنا إلي أن هذا الملك الظاهر ليس هو الدليل الوحيد على قدرة الله وعظمته، ولكن كل شيء خلقه الله فيه عظمة الخلق، وربما فيه آلات استشعارية تعينه على الحياة لا يقوى صاحب العقل عليها.
وكم اكتشافات علمية في أشياء لا نراها كالأشعة تحت الحمراء التي تحدد بدقة مكان الشيء اكتشفت من أداة الاستشعار في الحيات والثعابين، تلك الأداة التي لا تعتمد على النظر في تحديد المسافات بينها وبين الفريسة أو بينها وبين العوائق، ولكنها تعتمد على أشعة كونية غير مرئية. وقد استخدمت هذه الأشعة في كثير من آلات القتال لتحديد مكان مواقع العدو بدقة، وكذلك أشعة الليزر التي اكتشفت في رحلات الفضاء أخيراً، لها دقة فائقة في تحديد أشياء دقيقة.
بل إن الحيوانات تحس بالزلازل قبل الإنسان، بل إن الحمير التي يصفها الإنسان بالغباء لها أداة استشعار تجعلها تحس بالزلازل قبل أن تقع وتهرب من منطقة الخطر. والبحث في عالم الفضاء وعالم الحيوان وعالم البحار يعطينا اكتشافات يذهل لها العقل، هذه عظمة الخلق فيما لا نرى ولا نحس ولا نعرف، إلا أن يكشف الله لنا بعض أسرار ملكوت هذا الكون، فنعرف أسراره.
إذن: فكل شيء خلقه الله فيه عظمة، وفيه قدرة، وكل ما خلق الله من بداية ما يقال له شيء فيه إعجاز الخلق. الشمس شيء، والقمر شيء، والنجوم شيء، وأنت شيء، والميكروبات شيء. إذن: فقوله تعالى:
{وما خلق الله من شيء "185"} (سورة الأعراف)
تي: من بداية ما يقال له شيء. ولقد ضربنا مثلاً لذلك عندما تقول ما معي من مال، قد تكون معك قروش قليلة، ولكنها لا تسمى مالاً، ولكنك إذا قلت: ما معي من مال أي من بداية ما يقال له مال أي: ليس معك ولو قرشاً واحداً. والله سبحانه وتعالى يريد أن يلفت الكفار إلي الآيات الكونية مما يرونه وما لا يرونه. فلماذا خاطبهم الله بما لا يرونه؟
لأن القرآن أزلي يخاطب الناس إلي يوم القيامة، وسيكشف الله من عمله إلي خلقه جيلاً بعد جيل ما خفي من أسرار الكون، فكلما قرأوا هذه الآية جيلاً بعد جيل أحسوا بعظمة الله وقدرته لا في المشاهد من الآيات فقط، ولكن فيما كان مخفياً عنهم ثم كشف لهم.
--------------------------------------------------------------------------------
عدد المشاهدات: 204
تاريخ المقال: Friday, August 28, 2009
أضف تعليق إقرأ التعليقات (0) إرسل إلى صديق أضف إلى المفضلة
مقالات متعلقة - اسماء الله الحسني
الصبـور
الرشيد
الوارث
الباقي
البديع
المقالات الأكثر مشاهدة تحت قسم اسماء الله الحسني
الله
الرحمن - الرحيم
الوهاب
ذو الجلال والإكرام
الملك
{أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء .. "185"} (سورة الأعراف)
يريد الله سبحانه وتعالى أن يلفت الكفار إلي أن في ملكوته أشياء كثيرة تدل على عظمته وقدرته، فإذا كان في السماء والأرض أشياء كبيرة الحجم تستطيع أن تراها بسهولة، فهناك من خلق الله أشياء دقيقة جداً لا تدرك بالعين، ومع ذلك فيها الحكمة العليا للخلق. وكلما دقت الصنعة كان ذلك محتاجاً إلي صانع ماهر وتكنولوجيا متقدمة، مثلاً ساعة (بج بن) ضخمة جداً عندما صنعت كانت شبه إعجاز، فلما تقدم الزمن وجدنا ساعة في حجم فص الخاتم تؤدي نفس مهمة ساعة بج بن.
إذن: فعظمة الخلق ليست في الحجم الكبير فقط، ولكنها في الأشياء التي تستطيع أن تدركها بعينك، مثلاً الميكروبات والجراثيم غاية في الدقة، ومع ذلك ففي هذا الحيز الصغير الذي يحتله كل مقومات حياتك. الناموسة الصغيرة تأتي وتمتص الدم جاهزاً منك، ولها خرطوم كالشعرة، أو أدق من الشعر، ومع ذلك يخترق الجسم بدقة وكفاءة أكثر من الإبرة الصلبة الكبيرة. والميكروبات الصغيرة تخترق جلدك، وتنفذ إلي الدم وتحدث بينها وبين كرات الدم البيضاء معركة يمرض لها الجسم كله، وترتفع درجة حرارته، ويحس الإنسان بالألم.
كيف استطاع هذا الميكروب الذي هو غاية في الدقة أن يفعل كل هذه الأشياء في هذا الجسم الضخم؟ (جسم الإنسان) فيجعله عاجزاً عن الحركة، وعن التفكير، وعن تناول الطعام وعن أشياء كثيرة؟ الله سبحانه وتعالى يريد أن يلفتنا إلي أن هذا الملك الظاهر ليس هو الدليل الوحيد على قدرة الله وعظمته، ولكن كل شيء خلقه الله فيه عظمة الخلق، وربما فيه آلات استشعارية تعينه على الحياة لا يقوى صاحب العقل عليها.
وكم اكتشافات علمية في أشياء لا نراها كالأشعة تحت الحمراء التي تحدد بدقة مكان الشيء اكتشفت من أداة الاستشعار في الحيات والثعابين، تلك الأداة التي لا تعتمد على النظر في تحديد المسافات بينها وبين الفريسة أو بينها وبين العوائق، ولكنها تعتمد على أشعة كونية غير مرئية. وقد استخدمت هذه الأشعة في كثير من آلات القتال لتحديد مكان مواقع العدو بدقة، وكذلك أشعة الليزر التي اكتشفت في رحلات الفضاء أخيراً، لها دقة فائقة في تحديد أشياء دقيقة.
بل إن الحيوانات تحس بالزلازل قبل الإنسان، بل إن الحمير التي يصفها الإنسان بالغباء لها أداة استشعار تجعلها تحس بالزلازل قبل أن تقع وتهرب من منطقة الخطر. والبحث في عالم الفضاء وعالم الحيوان وعالم البحار يعطينا اكتشافات يذهل لها العقل، هذه عظمة الخلق فيما لا نرى ولا نحس ولا نعرف، إلا أن يكشف الله لنا بعض أسرار ملكوت هذا الكون، فنعرف أسراره.
إذن: فكل شيء خلقه الله فيه عظمة، وفيه قدرة، وكل ما خلق الله من بداية ما يقال له شيء فيه إعجاز الخلق. الشمس شيء، والقمر شيء، والنجوم شيء، وأنت شيء، والميكروبات شيء. إذن: فقوله تعالى:
{وما خلق الله من شيء "185"} (سورة الأعراف)
تي: من بداية ما يقال له شيء. ولقد ضربنا مثلاً لذلك عندما تقول ما معي من مال، قد تكون معك قروش قليلة، ولكنها لا تسمى مالاً، ولكنك إذا قلت: ما معي من مال أي من بداية ما يقال له مال أي: ليس معك ولو قرشاً واحداً. والله سبحانه وتعالى يريد أن يلفت الكفار إلي الآيات الكونية مما يرونه وما لا يرونه. فلماذا خاطبهم الله بما لا يرونه؟
لأن القرآن أزلي يخاطب الناس إلي يوم القيامة، وسيكشف الله من عمله إلي خلقه جيلاً بعد جيل ما خفي من أسرار الكون، فكلما قرأوا هذه الآية جيلاً بعد جيل أحسوا بعظمة الله وقدرته لا في المشاهد من الآيات فقط، ولكن فيما كان مخفياً عنهم ثم كشف لهم.
--------------------------------------------------------------------------------
عدد المشاهدات: 204
تاريخ المقال: Friday, August 28, 2009
أضف تعليق إقرأ التعليقات (0) إرسل إلى صديق أضف إلى المفضلة
مقالات متعلقة - اسماء الله الحسني
الصبـور
الرشيد
الوارث
الباقي
البديع
المقالات الأكثر مشاهدة تحت قسم اسماء الله الحسني
الله
الرحمن - الرحيم
الوهاب
ذو الجلال والإكرام
الملك