أفضل طريقة للمحافظة على البيئة
كيف سيفسر مؤرخو المستقبل قرار الرئيس بوش بإهمال أزمة الطاقة وتفضيل استخدام كل رصيده الانتخابي لكي يُفشل ما عرف باسم «الاتفاق الجديد» عن طريق خصخصة جزئية لنظام الضمان الاجتماعي؟ نحن نشهد بكل بساطة واحدا من أكبر الأمثلة التي يتم فيها تبديل مواقع الأسبقيات في تاريخ أي فترة رئاسية أميركية.
سيردد أحد الأشخاص: «فريدمان، أنت تبالغ» وجوابي هو أنني بالعكس أقلل من شأن الحقيقة. أنظروا إلى الفرص التي ظل بلدنا يضيعها والمخاطر التي تترتب عليها عن طريق الرئيس ونائبه اللذين يرفضان القيام بأي فعل لوضع استراتيجية تأخذ بالاعتبار البيئة، حيث يتم جمع البعد الجيو ـ سياسي مع سياستي الطاقة والبيئة.
فعن طريق تجنب القيام بأي شيء لتقليل استهلاك الولايات المتحدة للنفط، نحن نغذي كلا طرفي الحرب على الإرهاب ونقوي أسوأ الحكومات في العالم. وهذا يتأتى من خلال تمويل جيشنا بواسطة الضرائب وتمويل «الأصوليين» المتطرفين والجمعيات والأطراف التي تدعمهم من خلال مشترياتنا للغازولين. كذلك يحقق توسع استهلاك النفط مزيدا من التخندق من قبل المستبدين في روسيا وفنزويلا التي أصبحت كوبا أخرى لكن مع نفط. وعن تجنب القيام بأي شيء لتقليص استهلاك النفط في الولايات المتحدة، فإننا نفتح الباب للتنافس على مستوى الكرة الأرضية مع الصين للحصول على مصادر للطاقة، وهذا يشمل البلدان المجاورة لنا مثل كندا وفنزويلا. لا تخدعوا أنفسكم: سياسة الصين الخارجية اليوم بسيطة جدا: التمسك بتايوان والبحث عن النفط.
أخيرا، فإننا بتجنب القيام بأي شيء لتقليص استهلاك الولايات المتحدة للنفط نسرِّع بأزمة التغير المتواصل في مجال المناخ، وعلى أولئك المسؤولين الحكوميين الذين يهزأون بالعلم أن يخفوا وجوههم خجلا. والوضع سيستمر بالتدهور طالما أننا لا نقوم بأي شيء. قدمت مجلة «وايرد» في عدد أبريل تحقيقا رائعا حول السيارات التي تستخدم الوقود المختلط المعروف باسم هايبرد، حيث تستطيع هذه السيارات أن تتحرك بسرعة تتراوح ما بين 60 و80 كيلومترا مع درجة منخفضة جدا من إطلاق الغازات الناجمة عن احتراق الوقود. برزت أمامي أثناء قراءتي للتحقيق هذه الفقرة: «حتى الآن هناك 800 مليون سيارة تُستخدم بشكل فعال في العالم. ومع حلول عام 2050 ستكون السيارات في كل مكان داخل الصين والهند، حينذاك سيبلغ عددها 3.25 مليار سيارة. وتلك الزيادة تشكل تهديدا لا يمكن تصوره لبيئتنا. فزيادة عدد السيارات أربع مرات تعني أن كمية إطلاق ثاني أكسيد الكاربون ستتضاعف بنفس النسبة أي بأربع مرات، إلا إذا أصبحت السيارات ذات الاستهلاك الضئيل للوقود هي السائدة».
كل العناصر المكونة لما أسميه باستراتيجية «جيو ـ خضراء» معروفة: نحن بحاجة إلى ضريبة على الغازولين تجعل سعر الغالون منه عند شرائه من محطات الوقود محددا بأربعة دولارات حتى لو انخفضت أسعار النفط الخام. فبإبقاء سعر الغالون الواحد على مستوى 4 دولارات (يبلغ معدل سعر الغازولين في أوروبا 6 دولارات للغالون الواحد) يمكننا أن نغير عادات شراء السيارات لقطاع كبير من الجمهور الأميركي من خلال تشجيع شركات صنع السيارات كي تتحول صوب إنتاج محركات تستخدم الوقود المهجن المعروف باسم «هايبرد» أو وقود «الأثانول»، وهذه مع مرور الوقت ستتمكن من تقليص استهلاك الوقود.
نحن بحاجة إلى أن نبدأ ثانية ببناء محطات كهربائية تستخدم الطاقة النووية، إذ أصبحت التكنولوجيا النووية أكثر أمنا وأنظف من أي وقت كان. قال بيتر شوارتز رئيس شبكة «غلوبال بيزنيس» التي تعد من أهم الشركات في مجال إعطاء الاستشارات الاستراتيجية المتعلقة بالطاقة «مخاطر التحول في المناخ من خلال استمرار الاعتماد على الهايدروكاربونات أعظم من مخاطر الطاقة النووية.. التغير في المناخ حقيقي ويشكل تهديدا على الحضارة البشرية قابلا أن يهدد كوكب الأرض كله».
نحن بحاجة إلى نوع من ضريبة الكربون التي تدفع الشركات الصناعية كي تنتقل من استخدام الفحم إلى استخدام طاقات الريح والشمس والماء وغيرها. والعوائد المتأتية من هذه الضرائب ستذهب كي تغطي العجز وتخفيض استيراد النفط من الخارج، وهذا سيعزز من قيمة الدولار وينهي حالة المنافسة مع الصين على الطاقة.
إنها سياسة ـ جغرافية (جيو ـ بوليتكس) ذكية، وهي سياسة ذكية بما يتعلق بالمناخ. والأكثر من ذلك هي سياسة ذكية! وحتى البروتستانت أنفسهم عبَّروا بقوة عن حاجتنا لحماية أرض الله الخضراء. قال شوارتز ضمن هذا السياق «الحزب الجمهوري أكثر خضرة من جورج بوش أو ديك تشيني... هناك حاليا تحول باتجاه دعم المسائل المتعلقة بالمناخ. انظروا كيف أصبح آرنولد شوارزنيغر جمهوريا أخضر من خلال ما قام به في كاليفورنيا فيما يخص المناخ».
تخيلوا لو أن جورج بوش أعلن أنه سيقوم بالتخلص من سيارة الليموزين لصالح السيارة المدرعة من نوع فورد اسكَيب التي تشتغل على الهايبريد وتبنى استراتيجية «جيو ـ خضراء» وتمكن من تكوين حلف مؤيد لهذه السياسة بين المحافظين الجدد والبروتستانت وأنصار البيئة (الخضر) لدعمها. سترتفع شعبيته داخل وخارج الولايات المتحدة بشكل كبير جدا. والبلد اليوم متعطش لسياسة من هذا النوع.
بدلا من ذلك يفضل بوش اليوم تبديد طاقته الشخصية من خلال تفكيك «الاتفاق الجديد» ودعم أولئك المتطرفين المعادين للإجهاض. أي تضييع للفترة الرئاسية. كيف سيفسر المؤرخون ذلك؟
*خدمة «نيويورك تايمز»
كيف سيفسر مؤرخو المستقبل قرار الرئيس بوش بإهمال أزمة الطاقة وتفضيل استخدام كل رصيده الانتخابي لكي يُفشل ما عرف باسم «الاتفاق الجديد» عن طريق خصخصة جزئية لنظام الضمان الاجتماعي؟ نحن نشهد بكل بساطة واحدا من أكبر الأمثلة التي يتم فيها تبديل مواقع الأسبقيات في تاريخ أي فترة رئاسية أميركية.
سيردد أحد الأشخاص: «فريدمان، أنت تبالغ» وجوابي هو أنني بالعكس أقلل من شأن الحقيقة. أنظروا إلى الفرص التي ظل بلدنا يضيعها والمخاطر التي تترتب عليها عن طريق الرئيس ونائبه اللذين يرفضان القيام بأي فعل لوضع استراتيجية تأخذ بالاعتبار البيئة، حيث يتم جمع البعد الجيو ـ سياسي مع سياستي الطاقة والبيئة.
فعن طريق تجنب القيام بأي شيء لتقليل استهلاك الولايات المتحدة للنفط، نحن نغذي كلا طرفي الحرب على الإرهاب ونقوي أسوأ الحكومات في العالم. وهذا يتأتى من خلال تمويل جيشنا بواسطة الضرائب وتمويل «الأصوليين» المتطرفين والجمعيات والأطراف التي تدعمهم من خلال مشترياتنا للغازولين. كذلك يحقق توسع استهلاك النفط مزيدا من التخندق من قبل المستبدين في روسيا وفنزويلا التي أصبحت كوبا أخرى لكن مع نفط. وعن تجنب القيام بأي شيء لتقليص استهلاك النفط في الولايات المتحدة، فإننا نفتح الباب للتنافس على مستوى الكرة الأرضية مع الصين للحصول على مصادر للطاقة، وهذا يشمل البلدان المجاورة لنا مثل كندا وفنزويلا. لا تخدعوا أنفسكم: سياسة الصين الخارجية اليوم بسيطة جدا: التمسك بتايوان والبحث عن النفط.
أخيرا، فإننا بتجنب القيام بأي شيء لتقليص استهلاك الولايات المتحدة للنفط نسرِّع بأزمة التغير المتواصل في مجال المناخ، وعلى أولئك المسؤولين الحكوميين الذين يهزأون بالعلم أن يخفوا وجوههم خجلا. والوضع سيستمر بالتدهور طالما أننا لا نقوم بأي شيء. قدمت مجلة «وايرد» في عدد أبريل تحقيقا رائعا حول السيارات التي تستخدم الوقود المختلط المعروف باسم هايبرد، حيث تستطيع هذه السيارات أن تتحرك بسرعة تتراوح ما بين 60 و80 كيلومترا مع درجة منخفضة جدا من إطلاق الغازات الناجمة عن احتراق الوقود. برزت أمامي أثناء قراءتي للتحقيق هذه الفقرة: «حتى الآن هناك 800 مليون سيارة تُستخدم بشكل فعال في العالم. ومع حلول عام 2050 ستكون السيارات في كل مكان داخل الصين والهند، حينذاك سيبلغ عددها 3.25 مليار سيارة. وتلك الزيادة تشكل تهديدا لا يمكن تصوره لبيئتنا. فزيادة عدد السيارات أربع مرات تعني أن كمية إطلاق ثاني أكسيد الكاربون ستتضاعف بنفس النسبة أي بأربع مرات، إلا إذا أصبحت السيارات ذات الاستهلاك الضئيل للوقود هي السائدة».
كل العناصر المكونة لما أسميه باستراتيجية «جيو ـ خضراء» معروفة: نحن بحاجة إلى ضريبة على الغازولين تجعل سعر الغالون منه عند شرائه من محطات الوقود محددا بأربعة دولارات حتى لو انخفضت أسعار النفط الخام. فبإبقاء سعر الغالون الواحد على مستوى 4 دولارات (يبلغ معدل سعر الغازولين في أوروبا 6 دولارات للغالون الواحد) يمكننا أن نغير عادات شراء السيارات لقطاع كبير من الجمهور الأميركي من خلال تشجيع شركات صنع السيارات كي تتحول صوب إنتاج محركات تستخدم الوقود المهجن المعروف باسم «هايبرد» أو وقود «الأثانول»، وهذه مع مرور الوقت ستتمكن من تقليص استهلاك الوقود.
نحن بحاجة إلى أن نبدأ ثانية ببناء محطات كهربائية تستخدم الطاقة النووية، إذ أصبحت التكنولوجيا النووية أكثر أمنا وأنظف من أي وقت كان. قال بيتر شوارتز رئيس شبكة «غلوبال بيزنيس» التي تعد من أهم الشركات في مجال إعطاء الاستشارات الاستراتيجية المتعلقة بالطاقة «مخاطر التحول في المناخ من خلال استمرار الاعتماد على الهايدروكاربونات أعظم من مخاطر الطاقة النووية.. التغير في المناخ حقيقي ويشكل تهديدا على الحضارة البشرية قابلا أن يهدد كوكب الأرض كله».
نحن بحاجة إلى نوع من ضريبة الكربون التي تدفع الشركات الصناعية كي تنتقل من استخدام الفحم إلى استخدام طاقات الريح والشمس والماء وغيرها. والعوائد المتأتية من هذه الضرائب ستذهب كي تغطي العجز وتخفيض استيراد النفط من الخارج، وهذا سيعزز من قيمة الدولار وينهي حالة المنافسة مع الصين على الطاقة.
إنها سياسة ـ جغرافية (جيو ـ بوليتكس) ذكية، وهي سياسة ذكية بما يتعلق بالمناخ. والأكثر من ذلك هي سياسة ذكية! وحتى البروتستانت أنفسهم عبَّروا بقوة عن حاجتنا لحماية أرض الله الخضراء. قال شوارتز ضمن هذا السياق «الحزب الجمهوري أكثر خضرة من جورج بوش أو ديك تشيني... هناك حاليا تحول باتجاه دعم المسائل المتعلقة بالمناخ. انظروا كيف أصبح آرنولد شوارزنيغر جمهوريا أخضر من خلال ما قام به في كاليفورنيا فيما يخص المناخ».
تخيلوا لو أن جورج بوش أعلن أنه سيقوم بالتخلص من سيارة الليموزين لصالح السيارة المدرعة من نوع فورد اسكَيب التي تشتغل على الهايبريد وتبنى استراتيجية «جيو ـ خضراء» وتمكن من تكوين حلف مؤيد لهذه السياسة بين المحافظين الجدد والبروتستانت وأنصار البيئة (الخضر) لدعمها. سترتفع شعبيته داخل وخارج الولايات المتحدة بشكل كبير جدا. والبلد اليوم متعطش لسياسة من هذا النوع.
بدلا من ذلك يفضل بوش اليوم تبديد طاقته الشخصية من خلال تفكيك «الاتفاق الجديد» ودعم أولئك المتطرفين المعادين للإجهاض. أي تضييع للفترة الرئاسية. كيف سيفسر المؤرخون ذلك؟
*خدمة «نيويورك تايمز»