مدرسه كفر الغاب ع بنين

مرحبا بكم فى منتداكم

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مدرسه كفر الغاب ع بنين

مرحبا بكم فى منتداكم

مدرسه كفر الغاب ع بنين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موقع مدرسى


2 مشترك

    الموسوعة : احمد عرابي ، زعيم وطني حتى النخاع ....

    محمد احمد الشحات محمد
    محمد احمد الشحات محمد
    عضو


    عدد المساهمات : 31
    نقاط : 93

    الموسوعة : احمد عرابي ، زعيم وطني حتى النخاع ....  Empty الموسوعة : احمد عرابي ، زعيم وطني حتى النخاع ....

    مُساهمة من طرف محمد احمد الشحات محمد الثلاثاء ديسمبر 28, 2010 9:51 am





    أدارة الموقع
    الأعضاء
    الاحصاءات

    الصفحة الرئيسية
    آراء حــــرة
    مقالات ساخرة
    الجالية العربية
    منــــوعــات
    مبــدعـون
    فــن وثـقافة
    الجريمه
    العائلة العربية
    كلمة للكاميرا
    كتابات ومواد دينية
    مقالات قانونية
    تــاريــخ
    اخبار وآراء عسكرية
    استخبارات وجاسوسية
    شيطانيات
    لا تقرأ هذه الاخبار
    سياسة واخبار
    أرسـل مقالاً






    لدينا 76 زوار وَ 0 عضو متصل

    عضو جديد؟ تسجيل هنا !








    بعض كتاب صوت العروبة
    ***

    أحمد فضل شبلول

    الشاعر : فيصل أكرم

    الشيخ محمد قانصو

    وليد رباح - امريكا


    رشاد ابو شاور

    عبد الفتاح الخطيب

    د. احمد الخميسي


    توفيق الحاج -
    فلسطين

    عدنان الروسان

    د. فايز ابو شماله

    سعيد الشيخ

    فايز الخطيب -
    امريكا

    تميم منصور -
    فلسطين

    ناصر ابو السعود - مصر

    ناصر احمد سنه

    واصف عريقات

    د. الطيب بيتي العلوي

    محمود أسد- سوريا

    سلام الربضي

    محمد عبده العباسي

    صبحي البيجواني - العراق

    مهند التكريتي

    جمال نوري

    د. فايز رشيد


    خالد القناوي

    أحمد ختاوي








    الموسوعة : احمد عرابي ، زعيم وطني حتى النخاع ....



    الرابط : فضاءات عربية
    القاهرة: حسين حسنين
    إسمه بالكامل أحمد محمد عرابى وافي . كان والده محمد عرابي شيخاً جليلاً رئيساً على عشيرته عالماً ورعاً . ولد أحمد عرابى في 31 مارس عام 1841 ميلادية بقرية "هرية رزنة" التابعة لمدينة " بو بسط " والمعروفة حاليا بـ " تل بسط " بمحافظة الشرقية . بدأ أحمد عرابى تعليمه بحفظ القرآن الكريم وبعض العلوم الدينية في المكتب الذي أنشأه والده خصيصا لتعليم الأطفال الذى كان تابعا للجامع الأزهر. كما تعلم الفقه أيضا.
    توفى والده في عام 1848م بمرض الكوليرا عن عمر يناهز 63 عاما ، وكان الفتى فى الثامنة من عمره ، فقامت والدته بتربيته تحت رعاية أخيه الأكبر . ولما تولى سعيد باشا حكم البلاد فى عام 1854 ، أصدر أمرا بضرورة إنتظام أولاد عمد القرى والنجوع والكفور وأولاد المشايخ فى سلك العسكرية . وتقدم أحمد عرابى للإلتحاق بالعسكرية فى 6 ديسمبر عام 1854 ميلادية أى وهو فى الثالثة عشر من عمره تقريبا . وتخرج عرابى من المدرسة العسكرية برتبة ملازم ثان فى 25 نوفمبر 1858 ميلادية ، ثم رقى إلى رتبة ملازم أول في 23 فبراير عام 1859 ، وإلى رتبة نقيب فى 18 أبريل 1859 ، وإلى رتبة رائد في 17 ديسمبر 1859 ، ثم رتبة المقدم فى عام 1860 ميلادية ، ورقى إلى رتبة عقيد في 1861 ميلادية وهي المرة الأولى التى يصل فيها مصرى إلى هذه الرتبة وهو ما إعتبر إنجازا غير عادى لـ أحمد عرابى وللمصريين آنذاك . ثم ترقى بعد ذلك في عهد الخديوى توفيق باشا إلى رتبة أمير آلاي(عميد) في يونيو عام 1879 أى بعد 18 عاما نتيجة لصراعات متعددة مع قادة الجيش الغير مصريين فى عهد الخديوى إسماعيل، وأخيرا رقى إلى رتبة اللواء في عام 1882 ميلادية .

    ولإلقاء بعض الضوء على تفصيلات حياته نجد أنه في عهد الخديوى إسماعيل انتدب أحمد عرابى لإختيار وتدريب عساكر الحاميات المصرية فى الجزيرة العربية وتحديدا المنطقة الحجازية بالجزيرة العربية التى كانت تحت إدارة الحكومة المصرية منذ عهد إبراهيم باشا (يذكر أن شبه الجزيرة العربية بالكامل كانت تحت التاج المصرى الفرعونى منذ ما قبل عهد الأميرة هاجر المصرية زوجة سيدنا إبراهيم عليه السلام وأم سيدنا إسماعيل عليه السلام الذى تزوج من أميرة مصرية أيضا وكانت اللغة المصرية القديمة هى السائدة فى كافة أنحاء شبه الجزيرة خاصة فى أعمال التجارة والثقافة على طول وعرض هذه المنطقة، وقد إنبثقت عنها العربية التى تحمل جميع حروفها صوتيات اللغة المصرية القديمة) ، وكان الهدف من إنتداب عرابى هو تدريب العساكر هناك للمحافظة علي القلاع والحصون الحجازية التابعة للتاج المصرى هناك (للمزيد أنظر أحمد عرابى لنفس المؤلف). ولما عاد إلى مصر عمل عرابى على حفظ البلاد من غرق فيضان النيل ، ثم قام بانجاز بناء قنطرة فم الإسماعيلية بحري قصر النيل وتشييد القنطرة البولاقية ، وبناء سد فم رياح الترعة الإسماعيلية بالقرب من منطقة شبرا، وإنجاز قطع الأحجار لرصف جهات العباسية والبساتين وطره والمعصرة القريبة من منتجع حلوان وشحن الأحجار اللازمة لتلك المناطق وللقناطر الخيرية أيضا، بل ولجميع مديريات الوجه البحري . وفي سنة 1284هـ عهد إلي عرابى أيضا بإنجاز بناء كوبري قشيشه العظيم على خط السكة الحديدية بمنطقة الواسطى بالوجه القبلى (جنوب مصر) وطوله 514 متر ، وكذلك بناء كوبري الرقة بحري الواسطة وكوبري أطواب على فرع الفيوم ، ثم إنشاء خط السكك الحديدية من المنيا إلى بندر ملوي .

    في عام 1288هـ انتقل عرابى إلى رئاسة الكتيبة الثانية مشاة من دون ترقى . وفي أوائل عام 1290 هـ أحيل ديوان وزارة الحربية إلى عهدة الأمير حسين كامل باشا بن الخديوى إسماعيل باشا . وفي أواخر نفس العام توجه عرابى بالكتيبة الثانية مشاة إلى رشيد بطريق البر على شاطئ البحر الأبيض المتوسط . فى الوقت نفسه تقرر زيادة تعداد الجيش المصرى وتجهيزه ، وبالفعل أنشئت الفرقة الثانية والثالثة وتم تسليحها بأسلحة من المشاة والخيالة والمدفعية ، وفتح باب ترقى الضباط استعداداً للحملة المصرية على الحبشة. وعندما تم ترقية ضباط الفرقة الثانية لم يتم ترقية الضباط المتأخرين من الفرق الأخرى ومنهم أحمد عرابى الذى تأخر كثيرا عن الترقية وكان معه ممن لم يترقى حسين مظهر أفندي البكباشي وعلي فهيم البكباشي ، ومتولي حافظ البكباشي، ومحمد أفندي البكباشي، ومحمد الدري أفندي البكباشي، وسعيد ناصف أفندي البكباشي.
    حملة الحبشة: كان الهدف من الحملة المصرية على الحبشة هو إستعادة النفوذ المصرى فى تلك المناطق الذى يعود إلى عهد الفراعنة، والذى أحياه القائد المصرى الأسطورة إبراهيم باشا بداية من عام 1821 وعمل بقوة جيشه المصرى على تجميع بعض مستعمرات الإمبراطورية المصرية القديمة التى كانت تمتد من الصومال جنوبا مرورا بكافة أنحاء شبه الجزيرة المصرية (العربية حاليا) وبلاد الشام وبعض مناطق ما بين النهرين (العراق حاليا) وشمال أفريقيا حتى جزيرة كريت بالجنوب الآوربى . لكن جاءت هزيمة السرايا المصرية الثلاث فى الحبشة مخيبة لآمال الخديوي إسماعيل. يذكر أن قائد تلك السرايا كان أراكيل بك (أرمني الأصل) الذى عينه التاج المصرى محافظا لمدينة مصوع بالشرق الأفريقي (لمزيد من التفاصيل أنظر أحمد عرابى لنفس المؤلف) .

    بالعودة إلى نشاط الجيش السياسى : فيذكر أنه فى عام 1876 قام الضابط على الروبى بتكوين جمعية سرية وأختير أحمد عرابى رئيسا لها ، فى الوقت نفسه كانت هناك جمعية حلوان التى كانت تنادى بالدستور والإصلاحات السياسية وتضم الصفوة من كبار الملاك بزعامة شريف باشا ومحمد سلطان باشا وعضوية الباشوات شاهين وعمر لطفي وإسماعيل راغب وحسن الشريعي وعدد آخر من العظماء والكبراء والعلماء والنبهاء.
    عرابى والوزارة المختلطة: بعد أربعة أعوام من حملة الحبشة ، وتحديدا فى أوائل عام 1296 هجرية أصدرت قيادة الجيش أمرا بحضور أحمد عرابى وبعض رفاقه من رشيد إلى العاصمة القاهرة لتسليم أسلحتهم ومهماتهم وصرف العساكر إلى بلادهم . فحضر عرابى ومعه ثلاثة كتائب مشاة ، وقام الجميع بتسليم مهماته في يوم وصوله إلى القاهرة. وفي صباح اليوم التالي قام تلاميذ المدرسة الحربية وبعض الضباط بمظاهرة أمام وزارة المالية طالبوا فيها برواتبهم ، وأثناء ذلك جاءت بعض العساكر وأطلقت النار عليهم بإيعاز من القصر ودون مبرر سوى الإيقاع بعرابى ورفاقه . نتيحة لذلك تطورت أحداث المظاهرة وخرجت عن النطاق الذى كان متوقعا لها وحضر الخديوى بنفسه إلى وزارة المالية ومعه عميد حرس الخديوى علي بك فهمي الشهير (بالذئب المصري) وأمر الخديوى بإطلاق الرصاص على المتظاهرين لكن عبد القادر باشا حلمي رئيس معاونيه أمر بإطلاق الرصاص فى الهواء لتفرقة المتظاهرين. وأنصرف المتجمهرون حانقين وهاج الضباط في جميع ثكناتهم العسكرية واتفقوا على ضرورة عزل الخديوى وإعتلاء ولي عهده حكم البلاد . ولما علم الخديوى بذلك ذهب إلى مركز كل وحدة عسكرية على حده وطيب خواطر الضباط ووعدهم بصرف مستحقاتهم المتأخرة وعزل الوزارة المختلطة ، وعهد برئاسة الوزارة الجديدة إلى إسماعيل باشا راغب.
    محاولة تورط الضباط المصريين: قام مأمور الضبطية محمود سامي باشا البارودي بإستدعاء عرابى والضباط الذين معه للتحقيق معهم بناء على تعليمات من القصر . وبعد أسبوع من ذلك الحادث أصدرت وزارة الحربية قرارا بتعيين على الروبي بك رئيساً لمجلس مديرية الدقهلية وتعيين محمد النادي بك قائداً للكتيبة الثانية لمشاة المستجدين ، ونقل عرابى بكتيبته إلى الإسكندرية ، ثم صدر قرارا بتعيين عرابى قائداً للكتيبة الرابعة للمستجدين لكن بنفس رتبته وهى مقدم أى دون ترقية . ثم قام وزير الحربية بإستدعاء عرابى وأمره بالذهاب إلى راغب باشا. ولما توجه عرابى إليه قال له راغب باشا : إن أهالي مديرية جرجا وأسيوط انتخبوك نائباً عنهم في تسليم سبعمائة ألف أردب قمح وفول وشعير إلى بنك (منشا وقطاوي وبنك ايجيون وإبراهيم بيجه) بالإسكندرية. وفهم عرابى من كلامه هذا أن الخديوى يرغب فى إبعاده عن مركز الكتيبة ، ونفس الشىء حدث مع على الروبى حيث تم إبعاده إلى المنصورة ، وكذلك إبعاد النادي إلى الإسكندرية. وتوجه عرابى إلى الإسكندرية وأنجز المطلوب منه .
    عزل الخديوى إسماعيل : في 26 يونيو 1879 سمعت مدينة الإسكندرية أصوات دوى المدافع إعلاناً بعزل الخديوى إسماعيل وولاية إبنه توفيق باشا عرش البلاد .

    عرابى والخديوى توفيق : تولى محمد توفيق باشا حكم البلاد بدلا من والده إسماعيل باشا . وفور إعتلاء الخديوى عرش البلاد قدمت وزارة راغب باشا استقالتها فقبلها الخديوى ، وتشكلت الوزارة الجديدة برئاسة شريف باشا . وتقدمت إلى الخديوى الجديد بمشروع تأسيس حكومة دستورية عصرية وذلك بناء على وعده للمصريين في 14 رجب سنة 1296هـجرية ، لكن الخديوى لم ينفذ وعده ، وهو ما دفع حكومة شريف باشا إلى تقديم إستقالتها . وقبل الخديوى الإستقالة فورا ، وشكل وزارة جديدة برئاسته ، ثم أصدر أمرا تلغرافياً إلى رياض باشا بالعودة من الخارج.
    في يوم الخميس 4 سبتمبر سنة 1879م أصدر الخديوى أمراً بإعادة تعيين المستر بارنج والمسيو دي بلنيير بصفة مفتشين وهو ما يعنى أن رياض باشا حمل خطة إعتماد مصر على بريطانيا وفرنسا فى عهد توفيق . وفي 21 سبتمبر سنة 1879 قام رياض باشا بتشكيل وزارة جديدة بعد أن قدم الوزراء السابقين إستقالتهم . وعلى الفور بدأ رئيس الوزراء رياض باشا بحملة واسعة النطاق هدفها تضييق الخناق على النشاط السياسى لضباط الجيش بعد أن أكتشف نشاط جمعية حلوان ، وهنا قررت الجمعية أن تتحالف مع جمعية الضباط السرية وتم تشكيل الحزب الوطني الذى بدأ فى الإعلان عن نفسه ، وكانت الإجتماعات تعقد فى البداية بمنزل عرابى . ومع تطور الأحداث وزيادة التدخل الأجنبى فى الشئون الداخلية للبلاد أصدر "الحزب الوطني " فى نهاية عام 1879 بيانا إصلاحيا وقام الحزب بتوزيع عشرين ألف نسخة منه، وإحتوى البيان على برنامج محدد يهدف إلى تخليص مصر من ويلاتها . فى الوقت نفسه أصدر "اتحاد الشبيبة المصرية" مشروعاً إصلاحياً موجهاً إلى الخديوى توفيق ، كما نشرت جماعة " مصر الفتاة " كتيباً خاصاً تطالب فيه بحرية الصحافة . فى المقابل، قام رئيس الوزراء رياض باشا بإستنفار أجهزة الأمن الداخلية لمعرفة من وراء تلك البيانات : فشدد الرقابة على كل من إشتبه فيهم ، وأمعن في السجن والنفي والمصادرة ، دون إدراك حقيقي لمصادر السخط العام الذى أخذ فى التزايد يوما بعد يوم حتى داهمته حركة الجيش التي قامت استجابة لمطالب الجماهير وضباط الجيش الذين ضاقوا ذرعا بالمحسوبية المفروضة في صفوف الجيش لصالح الأتراك والجراكسة . وفي ليلة 15 يناير 1881 وجهت دعوة إلى أحمد عرابى على وليمة بمنزل نجم الدين باشا بمناسبة عودته من أداء فريضة الحج . وفى هذا الحفل علم عرابى أن وزير الحربية رفقى باشا سوف يقوم بإحالة الضباط المصريين ومنهم عرابى إلى التقاعد المبكر . وعلى الفور ترك عرابى الحفل وذهب إلى منزله فوجد عددا كبيرا من الضباط فى إنتظاره وهم في حالة هياج، إذ بلغهم صدور أوامر وزير الحربية بإقالتهم جميعا . ورشح الجميع عرابى لتولى زمام الأمور. وفي الحال كتبت عريضة إلى رئيس الوزراء رياض باشا تتضمن الشكوى من تعصب رفقي باشا لجنسه الجركسى وإجحافه بحقوق الوطنيين المصريين ، وتمثلت بنودها فى الآتى: (أولاً) : عزل وزير الحربية رفقى باشا ، وتعيين غيره من أبناء الوطن عملاً بالقوانين التي بأيدينا . (ثانيا)ً : تأليف مجلس نواب من نبهاء الأمة تنفيذاً للأمر الخديوي الصادر عقيب ارتقائه الأريكة الخديوية . (ثالثاً) : زيادة عدد الجيش العامل إلى 183 ألف جندى طبقاً للفرمان السلطاني . (رابعاً) : تعديل القوانين العسكرية بحيث تكون كافلة للعدل والمساواة بين جميع الموظفين بصرف النظر عن اختلاف الأجناس والمذاهب . ثم قرأت العريضة المذكورة على مسامع الحاضرين، ووقع عليها عرابى وكذلك علي بك فهمي وعبد العال بك حلمي . وعلى الفور تم أخذ الترتيبات العسكرية لحفظ الخديوى والعائلة الخديوية والوزراء فى حال وقوع هجوم أو محاولة إغتيال من قبل الضباط الجراكسة ، كما أخذت التدابير العسكرية لحفظ البنوك ومحال وبيوت التجار الأجانب والمواطنين من مطامع الرعاع والبلطجية . وكذلك حفظ القوات العسكرية الوطنية من بطش الحكومة إذا أرادت الإيقاع بقادة الجيش والعساكر، فى الوقت نفسه رفضت كافة الإجتماعات مع رئيس الحكومة إلا بعد التشاور وأخذ الموافقة بين الضباط.

    فى 16 يناير 1881 ذهب عرابى إلى وزارة الداخلية ومعه رفيقاه على بك فهمي وعبد العال بك حلمي ، وقدموا العريضة المذكورة إلى وكيل الداخلية خليل باشا يكن وطلبوا منه عرضها على رئيس الوزراء رياض باشا . وقابل عرابى ورفيقاه رئيس الوزراء الذى طيب خاطرهم وقال لهم : " سأنظر في الأمر" . وفي 31 يناير 1881 انعقد بعابدين مجلس برئاسة الخديوى توفيق وحضره جميع الباشوات العاملون والمتقاعدون من الترك والجركس، وقرروا جميعا إيقاف الضباط الثلاثة (الذين وقعوا على العريضة) عن العمل ، على أن يتم التحقيق معهم أمام مجلس فوق العادة . لكن رئيس الوزراء رياض باشا أعلن عن تحفظه على قرارهم وقال لهم: إذا قررتم إيقاف الضباط الثلاثة فلابد من إيقاف وزير الحربية رفقى باشا أيضا، وإلا تفاقم الخطر وإضطرب النظام فى البلاد . لكن الخديوى لم يوافق على ما قاله رياض باشا وقال وهو ينظر إلى رفقى باشا : " إن ناظر الجهادية يضمن حفظ النظام " . ورد وزير الحربية بحماس: أنا مستعد لحفظ النظام يا مولاى . ثم قدم رفقى باشا محضر الجلسة إلـى أحمد خيري باشا رئيس الديوان الخديوى ليقرأه أمام الحاضرين الذى يتضمن إلقاء القبض على عرابى وإخوانه ،وقد وافق عليه الخديوى .

    في مساء ذلك اليوم (31 يناير 1881) أرسل وزير الحربية رفقى باشا تذاكر خاصة إلى الضباط الثلاثة يدعوهم فيها للحضور إلى ديوان الجهادية (الحربية) بقصر النيل في صباح أول فبراير 1881 . وذهب عرابى ورفاقه بعد أن أخذوا كافة الإحتياطات الممكنة فى طريقهم إلى ديوان الجهادية بقصر النيل . وبمجرد وصولهم إنعقد المجلس برئاسة الخديوى الذى تلى عليهم الأمر الخاص بإيقافهم ومحاكمتهم، ثم نزعت عنهم سيوفهم وساقوهم إلى السجن في قاعة بقصر النيل . لكن بعد دقائق معدودة جاءت كتيبتان من لواء الحرس الخديوي ودخل رجالهم ديوان الحربية ، وأسرع عدد من الضباط والعساكر بإخراج عرابى ورفاقه من السجن ، ولما رأى وزير الحربية ذلك الهجوم الكاسح فر هاربا ومعه رجال المجلس الذى كان منعقدا إلى سراي عابدين . وبمجرد الإفرج عن عرابى قال لضباطه وجنوده : " أرجوكم ألا تمدوا أيديكم بسوء إلى أى شخص من الجراكسة ولا إلى غيرهم من الضباط لأنهم إخواننا ... فإننا لا نريد إلا الإنصاف والمساواة . وأمضي عرابى ورفاقه وزملائهم من الضباط والجنود ليلتهم في القشلاق وكانوا جميعا على أعلى درجات الحيطة والحذر. أما قناصل الدول الأوربية فقد ذهبوا إلى عابدين وأشاروا على الخديوى توفيق بإجابة طلبات عرابى ورفاقه حسماً للنزاع ومنعاً للخطر . وفي صباح الثانى من فبراير 1881م ذهب جميع الباشوات إلى الخديوى وتشاوروا في أمر تلك الأزمة ، وفى النهاية وافق الخديوى على تعيين محمود سامي باشا وخيري باشا رئيس الديوان الخديوي للمفاوضات مع عرابى فيما يخص مطالبهم الإصلاحية. وبالفعل ذهب كل من البارودى وخيرى باشا إلى الضباط وسألا عرابى ورفاقه عما يريدوه . فقال لهما عرابى: إننا على الطاعة ... ولا نريد إلا الإصلاح ، وسلمه عرابى عريضة بها مطالبهم وهى: أولا عزل وزير الحربية عثمان رفقي باشا ثم بعد ذلك تنفيذ باقي الطلبات " . واخذ خيرى باشا والبارودي عريضة المطالب وذهبا ليخبرا الخديوى، ثم عادا ثانية وقالا لعرابى ورفاقه بأن الخديوى قبل طلباتكم ، وقبل أيضا عزل وزير الحربية ، وعليكم الآن أن تختاروا وزيرا غيره . وبعد مشاورات سريعة بين عرابى ورفاقه قال عرابى: " إنا نرضى بتعيين محمود سامي باشا وزيرا للحربية " . وبناء عليه صدرت الأوامر بتعيين محمود سامي باشا البارودي وزيرا للحربية مع بقاء وزارة الأوقاف في عهدته أيضا كما كانت . وتم عودة الضباط الثلاثة (عرابى ورفاقه) إلى عملهم شريطة الإلتزام بنبذ الفوارق العصبية والتمسك بعروة الإخاء والمساواة . بعد ذلك تم سن القوانين العسكرية وتعديلها وتنقيحها . وعلى الرغم من إستقرار الأوضاع داخل الجيش إلا ان الدسائس ظلت قائمة فى محاولة للوقيعة بعرابى وزملائه ، وقد نجح الجيش فى كشفها والإعلان عنها. وعندما علم محمود باشا سامى البارودى بتلك الدسائس قرر التصدي لها علنا وهو ما أغضب المحيطين بالخديوى توفيق الذى قرر عزله واستبدل به صهره داود باشا يكن ، كما عزل أيضا مأمور ضبطية المحروسة أحمد باشا الدرمللي الذى وافق على مطالب الجيش الوطنية وعين بدلا منه عبد القادر باشا حلمي . لكن ما حدث بعد ذلك كان مخيبا لأمال الضباط ، فقد أصدر داود باشا منشورا تم توزيعه على قادة الجيش وضباطه أمر فيه بألا يجتمع الضباط مع بعضهم في المنازل أو في أحياء المدينة ، وألا يتركوا مراكز ثكناتهم العسكرية ليلاً أو نهاراً ، وشدد على أنه إذا إجتمع اثنان منهم فأكثر مع بعضهم في المدينة فسيتم ضبطهم بمعرفة رجال الضبطية وسجنهم فورا . وأخذ وزير الحربية داود باشا يمر بنفسه ليلاً على مراكز الوحدات العسكرية ليرى هل تنفذ أوامره أم لا؟ . أما مأمور الضبطية عبد القادر باشا حلمي فقد أرخى العنان لجواسيسه حول منازل كبار وصغار الضباط وفي الطرقات فى محاولات للقبض عليهم وسجنهم. ولما كانت أوامر وزير الحربية مخالفة للقوانين العسكرية فقد قرر عرابى ورفاقه من الضباط وضع حد لتلك الدسائس التي يقوم بها الوزير ومأمور الضبطية القضائية. وعليه قام عرابى وعدد من كبار الضباط بالذهاب إلى راغب باشا فى محاولة لإنهاء تلك الإجراءات التعسفية ضد حرية تحرك الضباط . لكن الوزير أكد لهم أن الخديوى هو ما أمره بذلك ، فسأله عرابى ورفاقه عن إيجاد مخرج لذلك . فقال لهم أن المخرج الوحيد هو قيامكم بجمع العساكر وتسليحهم ثم إرسال مجموعة إنتحارية منهم لقتل الخديوى ، وأظهر لهم حماسه وإستعداده لقيادة ذلك الإنقلاب . وهنا يقول عرابى: " ولما قال لنا ذلك .. نظرنا إلى بعضنا البعض .. ثم نظرنا إليه ... وفهمنا ما يرمى له ألا وهو الوقيعة بنا ... واستعذنا بالله من شر رأيه .

    بعد فترة وجيزة من حادثة قصر النيل ومرورها بسلام ، طلب الخديوى توفيق كل من أحمد عرابى ورفاقه قبل سفره إلى مصيفه بالإسكندرية ، وتحدث معهم حول ضرورة الحفاظ على الأمن العام داخل البلاد ، كما أمرهم بالذهاب إلى جميع قناصل الدول لطمأنتهم على رعاياهم وإعطائهم كلمة الشرف بحفظ أرواحهم وأموالهم . وقد فعل عرابى ورفاقه ذلك ، ثم طلبوا من جميع كتائب المشاة والخيالة والمدفعية وفروع الحربية والبحرية أن يخلدوا إلى الهدوء والسكينة .

    الخديوى يتراجع عن تعهداته: بعد عودة الخديوى إلى القاهرة من مصيفه بالإسكندرية أمر وزير الحربية الجديد داود باشا يكن بأن يصدر أمرا إلى اللواء الثالث مشاة بقيادة إبراهيم بك حيدر بالتوجه إلى الإسكندرية ، على أن يحل محله لواء الإسكندرية بقيادة حسين بك مظهر فى القاهرة . وهنا تكهرب الوضع داخل قيادة الجيش بالقاهرة، وأخذت الشكوك تدور برؤوس كبار الضباط ، وسرت شائعة تقول بأن الحكومة تسعى للتخلص من قادة الجيش بإغراقهم في كوبري كفر الزيات كما حدث مع الأمير حليم باشا والأمير أحمد إبن إبراهيم باشا في عهد الخديوى سعيد باشا . وعندما إجتمع إبراهيم بك حيدر مع ضباطه وأخبرهم بالأمر الذى أصدره وزير الحربية رفض جميع ضباطه تنفيذ الأمر . وعليه كتب إبراهيم حيدر إلى وزارة الحربية ليحيطها علماً برفض تحرك قواته إلى الإسكندرية. وتعاطف مع ذلك الإجراء الذى إتخذه ضباط اللواء الثالث مشاة جميع وحدات الجيش بالقاهرة .

    واقعة ساحة قصر عابدين: بناء علي أمر وزير الحربية الخاص بإستبدال بعض وحدات الجيش بين القاهرة والإسكندرية تم عقد إجتماع عاجل لكبار ضباط الجيش وكبار الساسة بالحزب الوطني بمنزل عرابى وتم الإتفاق على القيام بمظاهرة وطنية ثانية تضم هذه المرة الجيش والشعب معا . وكلف عرابى بعض الضباط بسرعة الإتصال بجميع ضباط الجيش وكافة الوحدات العسكرية من مشاة وخيالة ومدفعية الموجودين بالقاهرة مستخدمين فى ذلك سلاح الإشارة وإعلامهم بالحضور جميعا إلى ميدان عابدين فى الساعة العاشرة من صباح يوم 9 سبتمبر 1881 لعرض مطالب الجيش والشعب العادلة على الحضرة الخديوية .

    وفى ساحة قصر عابدين كان المشهد كالتالى: كان أول من حضر إلى ميدان عابدين لواء السواري بقيادة أحمد بك عبد الغفار ، ثم حضر عرابى بلواء العباسية ومعه كتيبة المدفعية بقيادة إسماعيل بك صبري ، وكانت بطاريات المدافع تتخلل كتائب المشاة أثناء المسير، وذلك في يوم الجمعة الموافق 9 سبتمبر سنة 1881م .

    عرابى والخديوى : إكتمل اجتماع الجيش في عابدين وأصبح الميدان غاصاً بجماهير الشعب من الوطنيين والأجانب وكانت نوافذ البيوت المجاورة للسراي وأسطح المنازل والشوارع المجاورة مزدحمة بالناس من كافة الأعمار. ولما عاد الخديوى من العباسية دخل السراي من الباب الشرقي المسمى (بباب باريز) وصعد إلى الإيوان ثم نزل منه ومشى في الميدان وحواليه المستر كوكسن (قنصل انجلترا بالإسكندرية) والجنرال جولد سميث (مراقب الدائرة السنيه) ونفر من رجال الأمن ، ولما بلغ وسط الساحة طلب حضور أحمد عرابى إليه . وتوجه إليه عرابى ليعرض مطالب الأمة وكان راكباً جواده وسيفه في يده ومن خلفه نحو ثلاثين ضابطاً . فلما إقترب منه عرابى صاح به الخديوى أن يترجل وأن يغمد سيفه .. ففعل عرابى ، ثم إقترب منه أكثر... فأكثر بثبات وثقة فى النفس وخلفه الجموع تتابع المشهد وهى تصيح بقوة: عرابى .. عرابى .. ثم وقف عرابى قبالة الخديوى على بعد مترين.. وهنا وقف صياح الجماهير وساد صمت رهيب وكأن على روؤسهم الطير، وفي تلك اللحظة أشار كوكسن على الخديوى بأن يطلق غدارته على أحمد عرابى ليقتله . وهنا إلتفت عرابى سريعا نحو كوكسن وقال بصوت جهورى تملئه الثقة وهو يشير بيده إلى ما حوله من المصريين الذين يحيطون بكل جوانب الساحة: " أفلا تنظر إلى من حولنا من العساكر" . لكن الخديوى صاح فيمن خلف عرابى من الضباط أن يغمدوا سيوفهم ويعودوا إلى بلكاتهم ... فلم يفعل الضباط ذلك وظلوا وقوفاً خلف عرابى ودم الوطنية يغلي في مراجل قلوبهم والغضب ملء جوارحهم . ثم تقدم عرابى مترا آحر حتى وقف أمام الخديوى مباشرة وهو يؤدى التحية . وهنا سأله الخديوى : " ما هي أسباب حضورك بالجيش إلى هنا ؟ " .. فأجابه عرابى : " جئنا يا مولاي لنعرض عليك مطالب الجيش والأمة ، وكلها طلبات عادلة" .. فقال الخديوى: " وما هي هذه الطلبات ؟ " ... فقال عرابى بصوت قوى كاد أن يسمعه كل المحيطين : " هي إسقاط الوزارة المستبدة ، وتأليف مجلس نواب على النسق الأوربي ، وزيادة عدد الجيش طبقا لما هو موثق في الفرمانات السلطانية ، والتصديق على قوانين الإصلاح العسكري التي أمرتم بوضعها " ... فقال الخديوى: " كل هذه الطلبات لا حق لكم فيها ، وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي، وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا" . وهنا رد عليه عرابى والدم يغلى فى عروقه قائلا بصوت جهورى يملئه الغضب : " لقد خلقنا الله أحراراً ... ولم يخلقنا تراثاً وعقاراً ، فوالله الذي لا إله إلا هو إننا سوف لا نورث ، ولا نستعبد بعد اليوم ! " . وتعالت صيحات الجموع تهتف .. عرابى .. عرابى ، وأثناء ذلك الحوار النارى أشار المستر كوكسن على الخديوى توفيق بالرجوع إلى السراى خشية إصابته بسوء إذا تطور الحديث مع عرابى ، لكن الخديوى لم يفعل. وبعد إنتهاء الحديث عاد الخديوى ومن معه إلى داخل السراي .

    بعد مرور ساعة من الزمن وافق الخديوى على مطالب الجيش ، لكنه إقترح تعيين حيدر يكن رئيساً للوزارة الجديدة . إلا أن عرابى ورفاقه رفضوا ذلك لأن حيدر من المقربين من الخديوى والإنجليز، وإقترح عرابى تعيين محمد شريف باشا . ووافق الخديوى وتم إستدعاء شريف باشا من الإسكندرية بالتلغراف . وفور الموافقة توجه عرابى ورفاقه إلى الخديوى وشكروه على موافقته لمطالب الأمة ، وأقسم الخديوى لهم بأنه مرتاح لما فعل وأنه وافق على تلك الطلبات بنية صافية . فكرر عرابى شكره والدعاء له . وعلى الفور أمر عرابى بإنصراف الوحدات العسكرية إلى مراكزها عدا لواء السودان الذى قرر قضاء ليلته في ضيافة لواء الحرس الخديوى بقشلاق عابدين . وفي يوم 10 سبتمبر 1881 توجه عرابى إلى سراي شريف باشا وهنأه برئاسة الوزارة الجديدة .

    في 22 سبتمبر سنة 1881 قدم شريف باشا إلى الخديوى تقريراً تضمن قوانين الإصلاحات العسكرية. فى تلك الفترة زار مصر وفد شاهانى من تركيا ومكث 18 يوما لمعرفة ما يدور بمصر . وبعد مغادرة الوفد الشاهانى لمصر فى أكتوبر 1881 تم ترقية عرابى لمنصب وكيل وزارة الحربية وحصوله على رتبة اللواء ولقب الباشا . وقبل عرابى رتبة وكيل الوزارة واللواء ، لكنه رفض رتبة الباشا حتى لا تثار حوله الأقاويل . فى تلك القترة قدم عرابى إلتماسا إلى الخديوى توفيق عن طريق وزير الحربية ترجاه فيه بالإفراج عن المسجونين ظُلماً خلال فترة الاستبداد التى وقعت على يد رئيس الحكومة السابق . ووافق الخديوى وتم الإفراج عن جميع المسجونين ، ومنهم أحمد بك أبو ستيت من مديرية سوهاج وحسن موسى العقاد من أعيان القاهرة . وفي أوائل شهر يناير سنة 1882 إلتقى عرابى بوزير الحربية محمود باشا سامي ، وأثنى الأخير على دور عرابى فى قيامه بنشر راية الحرية في مصر وملحقاتها من الدول التى تعمل تحت التاج المصرى . وفي 4 أكتوبر سنة 1881 رفع رئيس الوزراء شريف باشا تقريرا إلى الجناب الخديوي بشأن إنشاء مجلس النواب وانتخاب أعضائه، وذلك بناء على الطلب المقدم من عرابى ورفاقه والمذيل بتوقيعات (1600) مصري بطلب إنشاء مجلس نيابي . وعليه صدر الأمر العالي بالموافقة. وبعد انتخاب نواب البرلمان في الوجهين القبلي والبحري أختير يوم الاثنين 26 ديسمبر سنة 1881 لافتتاح المجلس الجديد . لكن بعد ذلك حدث خلاف بين الحكومة ومجلس النواب حول الميزانية ، وعلى أثر ذلك تدخلت انجلترا وفرنسا لتوسيع الخلاف والوقيعة بينهما ، فقد ورد تلغراف يفيد بأن انجلترا وفرنسا متفقتان على أن ترسلا إلى الحكومة الخديوية مذكرة تعلنان فيه أنهما ستتدخلان لدعمها إذا استمر الاضطراب في القُطر المصري أو فى حالة تعرض السلطة الخديوية لأى خطر . ولما علم المصريون بشأن تلك المذكرة إرتاب الجميع فى أمر تلك المذكرة وأيقنوا أن المراد منها هو مزيد من التدخل الأجنبى وجعل البلاد تحت وصاية انجلترا وفرنسا ، وعلى الفور توجه وزير الحربية محمود باشا سامي إلى مجلس الوزراء وبحث معهم تطورات الموقف على ضوء المذكرة وأبلغهم ردود أفعال الجيش الغاضبة من تلك المذكرة . وعليه قررت الحكومة التوجه فورا إلى مقر الخديوى توفيق لعرض الأمر عليه . فى الوقت نفسه إعترض الباب العالي على هذه المذكرة بمذكرة مثلها بعثت بها وزارة الخارجية العثمانية إلى الدولتين (الإنجليزية والفرنسية) .
    صندوق إدخار لضباط الجيش : في تلك المرحلة أيضا قررت وزارة الحربية برئاسة عرابى زعيم الحزب الوطنى إنشاء صندوق إدخار للضباط جميعاً على اختلاف رتبهم بحيث يحصل 5% من رواتب الضباط شهريا على أن تستخدم تلك الأموال فى شراء سندات مالية مصرية وتضاف فوائدها إلى الأصل في نهاية كل عام .

    سقوط وزارة شريف باشا : فى يوم الثلاثاء الموافق 11 ربيع أول سنة 1299هـ أعلن مجلس الوزراء برئاسة شريف باشا أن وكيل دولة كل من فرنسا وانجلترا يريان أنه لا حق لمجلس النواب في تقرير الميزانية . وعلى ضوء ذلك إجتمع مجلس النواب لبحث المقترح الحكومى في منزل محمد سلطان باشا رئيس المجلس ، وبعد مشاورات دامت عدة ساعات قرر أعضاء المجلس عدم قبول تعديلات الحكومة.

    وفى 13 ربيع الأول 1299 هجرية إجتمع شريف باشا وقنصلا بريطانيا وفرنسا بالخديوى،وأصر شريف باشا خلال الإجتماع على عدم موافقته على لائحة النواب. وفى النهاية قدم إستقالته وقبلها الخديوى .
    وزارة محمود سامي : في صباح يوم الجمعة الموافق 14 ربيع الأول سنة 1299هـ إجتمع الخديوي مع أعضاء اللجنة البرلمانية وتم التوصل إلى إختيار حكومة إنقاذ وطني برئاسة محمود سامى باشا ، وفى هذه الحكومة تم تكليف عرابى بوزارة الحربيةً . وقد اجتمع عقب ذلك عدد من ضباط الجيش في سراي قصر النيل ، واحتفل الجميع بالوزارة الجديدة ، وشكروا الخديوى على تجاوبه.
    رعاية ضحايا الحرب : بعد تولى أحمد عرابى وزارة الحربية والبحرية بدأ في تنفيذ القوانين والإصلاحات العسكرية الجديدة التي إعتمدها الخديوى ومنها صرف مستحقات ورثة المتوفين في الحروب السابقة وغيرها الذين لم يلتفت إلى شكواهم منذ زمن بعيد تنفيذاً لقانون المعاشات الجديد . كما أصدر عرابى أمرا بتأليف لجنة عسكرية مكونة من قاسم بك فتحي وغيره من الأطباء لفرز الضباط العاملين والذين تم إستدعائهم لمعاملتهم طبقا لقانون المعاشات . وقد أتمت اللجنة عملها وقدمت الكشوف الخاصة بذلك إلى ديوان الحربية ، وقد بلغ عددهم نحو ثلثمائة ضابط تجاوزوا السن المحدد لكل رتبة طبقا للقانون المذكور، وكان ضمن هؤلاء عدد كبير من شيوخ التُرك والجركس فأحيلوا جميعاً على المعاش .

    مؤامرة الضباط الجراكسة لإغتيال عرابى ورفاقه : في 10 جمادى الأول سنة 1299 إتصل طلبه باشا عصمت حكمدار اللواء الأول وأخبر عرابى بأن راشد أفندي أنور قال له أن بعض ضباط الجراكسة تحالفوا على اغتيال وزير الحربية ورؤساء الضباط الوطنيين وجميع وزراء الحكومة ، ثم ذكر له أسماء بعض المتآمرين . وعلى الفور إتصل عرابى برئيس الوزراء وعقد إجتماع عاجل للحكومة عرض فيه عرابى الأمر عليهم ، وإتفقوا جميعا على عرض الأمر بكامله على الخديوى الذى قرر إجراء تحقيق فورى حول ملابسات المؤامرة في مجلس حربي. وبناء عليه تم تشكيل مجلس حربي مكون من عشرين عضواً. ثم شرع المجلس في التحقيق ، وصدر الحكم في 30 أبريل سنة 1882 على الضباط وعددهم 40 ضابطاً منهم عثمان باشا رفقي بالنفي المؤبد إلى أقاصي السودان مع التجريد من الرتب العسكرية والإمتيازات ونياشين الافتخار. لكن عرابي تدخل لتخفيف الأحكام .

    مؤامرة إنجلترا وفرنسا ضد الحركة الوطنية: لما رأت إنجلترا نجاح الحزب الوطني في تحقيق برامجه وعلمت بتأليف وزارة وطنية حُرة ، وأن تلك الوزارة صادقت على قانون مجلس النواب الأساسي ولائحة انتخاب أعضائه ، ثم صدور الأمر الخديوي بالتصديق عليهما، هنا قررت لندن التدخل ، فعملت على استمالت الحكومة الفرنسية إلى جانبها أملا فى القضاء على الحركة الوطنية المصرية. ونظرا لوجود تحالف سرى بين لندن والخديوى توفيق قبيل عزل الخديوى إسماعيل ، فقد صرح من باريس المسيو " دي فريسينيه " رئيس وزراء فرنسا آنذاك بأن فرنسا تود حفظ استقلال القطر المصري طبقا للفرمانات الدولية ، وقال أن الحوادث ربما تستلزم اتفاق جميع الدول الأوربية لتسوية المسألة المصرية خاصة وأن الدول الأوربية تعترف لفرنسا وإنجلترا بأفضلية المصالح في ذلك القُطر لذلك سيكون من الواجب علي لندن وباريس أن يديرا سياستهما بحزم وثبات . وعلى الفور إنتشرت الشائعات بأنه سيأتي إلى الإسكندرية أسطول فرنسي وآخر إنجليزي ، وأن الباب العالي سيرسل إلى مصر وفداً مؤلفاً من بعض رجال الدولة ، وأن دول العالم وفي مقدمتها الدولة العلية التركية ستتدخل في أحوال مصر. وبناء على ما تقدم توجس الشعب المصرى خيفة ، وأيقنوا بقرب الحرب على مصر . وبتسارع الأحداث ورد تلغراف من باريس يؤكد أن الأسطول الفرنسي شق طريقه من ميناء " بيريه " باليونان والقريب من جزيرة كريت (التى كانت حتى وقت قريب تحت التاج المصرى) ، وسوف يلتقى بعرض البحر بالأسطول الإنجليزي القادم من كورفو ثم يسير الاثنان فى طريقهما إلى مدينة الإسكندرية المصرية. وفي 15 مايو 1882 قام السير إدوارد مالت والمسيو سنكوفيش قنصلا إنجلترا وفرنسا بزيارة الخديوى توفيق وأخبراه بصفة رسمية بقدوم كل من الأسطول البريطانى والفرنسى ، وأنهما سيصلان إلى الإسكندرية في صباح 17 مايو 1882 ، وأن قدومهما إلى مصر بصفة ودية . وفي 19 مايو 1882 وصلت إلى ميناء الإسكندرية بارجة إنجليزية ، وفي اليوم التالى وصلت بارجتان إنجليزيتان أخرتان . وفي 21 مايو دخلت مياه الإسكندرية سفينتان حربيتان تاليتان ، وعلم في ذلك اليوم أن بعض الدول الأوربية الأخرى سترسل كل واحدة منهم سفينة حربية أو إثنتان إلى المياه المصرية .

    سقوط وزارة محمود سامي : بعد وصول السفن الحربية البريطانية والفرنسية إلى المياه الإقليمية المصرية ، جاء قنصل فرنسا الى منزل رئيس الوزراء وأطلعه على طلب الدولتين . فما كان من رئيس الوزراء سوى استدعاء الوزراء والتشاور معهم في الأمر ، وبعد المداولة اتفق الجميع على أخذ رأي الخديوي توفيق في هذا الحادث الجلل. فى نفس الوقت كتبت جريد التيمس مقالا قالت فيه : " إن إرسال البوارج العسكرية إلى مياه مصر الإقليمية لم يقصد به إلا تعزيز سلطة الخديوي وتأييده ، وأن أول شيء يجب إجراؤه هو حمل عرابي باشا على التنحي عن الإدارة والسياسة والتخلص من الحكومة ، وإذا لم يكف إرسال القطع العسكرية البحرية لبلوغ تلك الغاية ، فسوف يترتب على ذلك استخدام القوة العسكرية لاكراه عرابي باشا وأعوانه على تنفيذ مطالب بريطانيا وفرنسا وذلك بإرسال قوات من الجيش إلى القُطر المصري مع مراعاة عدم المساس باستقلال مصر، ويفضل أن تكون تلك القوات عثمانية . وإذا تمرد المصريون عليها أصبحت مصر دولة عاصية ، سيترتب على ذلك قيام دول العالم بإعادة النظر فى الشأن الداخلى المصرى " . وعلى الفور تناقلت الجرائد المصرية ذلك المقال وعلقت عليه بالشرح والملاحظات ، وكان لذلك وقع شديد التأثير في نفوس المصريين . خلال ذلك طلب الباب العالي من فرنسا وإنجلترا أن تسحبا أسطوليهما ، لكن الدولتين أجابتا أنهما لن ينسحبا إلا بعد أن يستتب الأمن والنظام فى مصر. وفي 25 مايو 1882 تقدمت الدولتان الإنجليزية والفرنسية بالإنذار الأخير للحكومة المصرية بطريقة رسمية. فلما تلقت الحكومة المصرية هذا الإنذار قامت بعقد اجتماع طارىء في منزل رئيس الوزراء محمود باشا سامي وقرروا جميعا أن هذا الإنذار يعتبر تدخلاً مباشرا فى الشأن الداخلى وهو ما يعد مخالفا للمواثيق الدولية وضد الحقوق الوطنية ، وإتفقوا جميعا على ضرورة عرض الأمر على الخديوى توفيق لأخذ رأيه . لكن الخديوى أجابهم بأنه حصل على نسخة من ذلك الإنذار وأنه إضطر إلى الموافقة عليه حقنا للدماء . يذكر أن رئيس الوزراء ووزير الخارجية أكدا للخديوى خلال زيارتهما له أن موافقتكم ستحدث خلافا عظيما بين الوزارة والقصر وسيتطلب ذلك إستدعاء مجلس النواب للنظر في مصلحة البلاد ، وقد طلبا من الخديوى إصدار أمر بعقد إجتماع عاجل لمجلس النواب ، لكن الخديوى رفض ذلك . وفى النهاية قرر مجلس الوزراء بالإجماع استدعاء مجلس النواب وعرض الموقف العام عليه . وبالفعل عقد مجلس النواب وتم التوصل إلى إقالة الحكومة في 26 مايو سنة 1882 وقبل الخديوى الإستقالة .

    بعد إقالة الحكومة أصدر الخديوى بيانا تم توزيعه على جميع الجهات يشير فيه إلى إقالة الحكومة . وفي 27 مايو سنة 1882 أقام الخديوى توفيق احتفالا حضره النواب والأعيان والعلماء . وبعد إنتهاء الحفل جاء للمعية الخديوية تلغراف من ضباط ألوية الجيش بالإسكندرية يفيد بأنهم لا يرضون غير عرابي باشا وزيرا للحربية ، وفى حال عدم عودته إلى منصبه خلال 12 ساعة فقط ، فإنهم غير مسئولين عما سيحدث داخل البلاد من إضطرابات . وبالفعل بلغ الاضطراب جميع أنحاء القُطر مبلغاً عظيماً ، ثم حضر إلى العاصمة جميع أعيان البلاد ومستخدمي الحكومة وقدموا لعرابى وزملائه مئات العرائض بواسطة مديريهم ، وأظهروا فيها إحتجاجهم على قبول الخديوي إقالة الحكومة. وقد طالب المحتجون بأحد أمرين : (الأول) إما رفض الإنذار التى تقدم بها الإنجليز والفرنسيين ، و(الثانى) إما عزل الخديوي الذي قبل تدخل الأجانب في أحوال البلاد الداخلية. ولما أحس الخديوى توفيق بخطر موقفه بعث تلغراف إلى الحضرة السلطانية بتركيا يخبرها أن الوزراء أعلنوا إستقالتهم إحتجاجا على قبول اللائحة(الإنذار) التى قدمتها فرنسا وإنجلترا وأن الجيش غير راض على ما حدث . وجاء الرد بتلغراف من الباب العالي بفيد بأن الحضرة السلطانية أمرت بتأليف لجنة عثمانية ستأتي إلى مصر بعد ثلاثة أيام للنظر في الحالة الراهنة بالقاهرة. ومع تطور الأحداث وزيادة المخاوف حضر إلى منزل عرابى جميع قناصل الدول ما عدا قنصلي إنجلترا وفرنسا يطلبون منه التأمين على رعاياهم . فأجابهم عرابى بأنه تم إقالته من الحكومة ولم يعد يمتلك السلطة التى تخوله تحمل هذه المسئولية العظيمة. فقالوا له أن الجيش لا يخالف إرادته وأنه رئيس الحركة الوطنية داخل البلاد ، وأن الرعايا الأجانب لن يكونوا فى أمن وسلام إلا بإعطائك لنا كلمة شرف بحفظ الرعايا من أى خطر. وبالفعل أعطى عرابى قناصل الدول الأجنبية كلمة شرف بحفظ أمن الأجانب داخل البلاد ، ثم أرسل تلغرافاً إلى جميع المراكز العسكرية بصفة أنه رئيس الحزب الوطني ، وانه يريد منهم أن يلتزموا بالهدوء وأن يحافظوا على راحة الجميع ، وخصوصاً رعايا الدول الأجنبية ، وأن يعاملوهم بحُسن المعاملة .

    المطالبة بعزل الخديوى توفيق : في مساء السبت الموافق 27 مايو سنة 1882 تم دعوة عرابى إلى منزل محمد سلطان باشا رئيس مجلس النواب ، فذهب إليه ومعه كل من علي باشا فهمي وعبد العال باشا حلمي ومحمد عبيد بك وغيرهم من الضباط . ولما وصلوا إلى منزله وجدوه غاصاً بأعضاء مجلس النواب ، وكان بينهم قاضي قضاة مصر الشيخ عبد الرحمن أفندي نافذ والشيخ عبد الهادي الإبياري إمام المعية الخديوية . وقد تباحث الجميع فى عدد من القضايا وتم الاتفاق على إستتباب الأمن داخل البلاد ، كما توافقوا على أن يطلب من الخديوى رفض الإنذار البريطانى الفرنسى وإصدار أوامره بعودة الوزراء إلى عملهم وعودة عرابى إلى رئاسة وزارة الحربية . وفي صباح يوم السبت 27 مايو سنة 1882 حضر إلى منزل عرابى كل من رئيس مجلس النواب سلطان باشا وحسن باشا الشريعي وسليمان باشا أباظة وسلموه أمر الخديوى القاضي برجوع عرابى إلى وزارة الحربية والبحرية ، وأخبروه بأنهم لما ذهبوا إلى الخديوى وجدوا عنده جميع قناصل الدول الأجنبية في حضرته ما عدا قنصلي فرنسا وإنجلترا ، وأن هؤلاء القناصل طلبوا من الخديوى صدور أمره برجوع عرابى إلى وزارة الحربية والبحرية حتى يطمأن الجميع داخل مصر ، وكان القناصل وأعضاء مجلس النواب على رأي واحد . ولما عاد عرابى إلى وزارة الحربية فرح الضباط والجنود وجميع الوطنيين، لكن فى نفس الوقت توالى اجتماع قنصلي فرنسا وإنجلترا بالخديوى ليلاً ونهاراً فى محاولة لإقصاء عرابى أو لإحداث فتنة من أجل تدخلهم المباشر فى الشأن الداخلى المصرى . وفور عودته إلى منصبه أصدر عرابى مباشرة منشورا إلى قناصل الدول تكفل لهم فيه بإستقرار الأمن لجميع سكان القُطر المصري وطنيين وأجانب مسلمين وغير مسلمين ، وطلب من الخديوى عودة جميع العساكر إلى الجيش الذين تم تسريحهم لاستكمال الوحدات العسكرية وذلك فى الحدود المسموح بها طبقا للفرمانات السُلطانية . ووافق الخديوى على مطلبه ، ثم صدر أمر قيادة الجيش بجمع عساكر مكافحة الجريمة نمرة 2 ونمرة 3 استعداداً لما عسى أن يطرأ من الحوادث .

    تدخل إنجلترا وفرنسا : فى تلك الفترة أرسلت كل من فرنسا وإنجلترا إلى الباب العالي مذكرة مشتركة تطلبان فيها بنفى عرابي باشا وسائر زعماء الحزب العسكري إلى الآستانة . وطبقا لقواعد تبادل الكراسى السياسية ، عرضت فرنسا أن يعقد مؤتمر في الآستانة يكون أساس أعماله بحث الوضع المتوتر داخل مصر ، فوافقتها إنجلترا على ذلك . كما طلبت ألمانيا والنمسا وروسيا وأيطاليا من الباب العالي أيضا بسرعة الموافقة على لائحة فرنسا وإنجلترا . وحتى يتم تورط الآستانة فى الشأن الداخلى المصرى وتحديدا ضد الحركة الوطنية أبلغت حكومة إنجلترا الباب العالي أن ما تريده هو نشر العلم العثماني في القُطر المصري وإرسال المعتمد السلطاني على مدرعة حربية عثمانية وليست أوربية . ولدعم الخطة البريطانية فى توريط الآستانة أعلن فريسينيه رئيس وزارة فرنسا في مجلس النواب الفرنسي أن لا شيء يدعو إلى تدخُل الجنود الفرنسيين في القُطر المصري لأن اتفاق الدول الأوربية وحده يتكفل بحل المشاكل المصرية على وجه سلمي بدون أن تنشأ المصاعب في مصر ، كما أوضح المستر جلادستون رئيس وزراء إنجلترا في مجلس العموم البريطانى أن إنجلترا ترى من الواجب عليها دعم ومساندة الخديوي توفيق باشا في منصبه طبقا للإتفاق المبرم بينه والحكومة البريطانية نظرا لما أظهره الخديوى من صدق وإخلاص للإنجليز. وهنا كتب عرابى إلى الحضرة السُلطانية يخبرها بما تنوى عليه إنجلترا من تدخل فى الشأن المصرى . وعلى ضوء ذلك قررت الآستانة في 2 يونيو 1882 تعيين درويش باشا معتمداً عثمانيا من الآستانة للذهاب إلى القُطر المصري للتحقق من التقارير الأمنية البريطانية.

    الإنجليز يوقدون الفتنة : مع تعاظم الحركة الوطنية فى شتى أنحاء البلاد قرر البريطانيون التدخل لإجهاض تلك الحركة والسعى لتشويه صورتها أمام الأوربيون ليشكلوا بذلك ذريعة لتدخلهم المباشر فى الشأن الداخلى المصرى . وعليه دعا المستر كوكسن قنصل إنجلترا بالإسكندرية جميع قناصل الدول الأجنبية وأخذ يعدد لهم تمرد المصريين على النظام القائم ورفضهم وجود الأساطيل الحربية الأوربية في الإسكندرية ، وشدد على خشيته من هجوم الرعاع المصريين على المواطنين الأوربيين بمصر وأخذهم على غرة ، وأكد لهم أن الحزم يقتضى التدويل من اجل أخذ التدابير والوسائل اللازمة لحفظ أرواح الأجانب بمصر وتأمين أموالهم . وبعد عقد عدة اجتماعات فى هذا الخصوص توصل القناصل الأوربيين إلى قرار بالإجماع يفيد بسرعة حشد عدد كبير من الأوربيين وتزويدهم بالسلاح وجعلهم فى حالة إستعداد تام تحسبا لأية هجمات مصرية عليهم . كما طلب منهم القنصل الإنجليزى كوكسن ضرورة الإتصال الفورى بقادة الإسطولين البريطانى والفرنسى والإستعلام منهما عن كيفية التسلح لدرء أى خطر قد يحدث من قبل المصريين . وبالفعل إستجاب قادة الإسطولين وتم إمداد الجالية الأجنبية الأوربية بالإسكندرية بالأسلحة لمقاومة المصريين. يذكر فى هذا الخصوص أن دار القنصلية البريطانية أصبحت مخزنا للسلاح والذخيرة وقد تم تعيين مجموعة من العساكر الإنجليز لإمداد الأجانب بالسلاح لإستخدامه ضد الشعب المصرى عندما يتم الإعلان عن ذلك . وعلى الفور إنتشر خبر قيام القنصل الإنجليزى بتسليح الأجانب من الأوربيين بالسلاح والذخيرة لمحاربة المصريين . وحدث لقاء بين قنصل السويد والنرويج وعدد من المسئولين المصريين ولكن قنصل السويد كان مؤيدا للقنصل البريطانى فى تسليح الأوربيين إستعدادا لمواجهة المصريين فى حال وقوعها. فى الوقت نفسه إستمر الأجانب فى إشعال نار الفتنة بين الأوربيين والمصريين ، وإستمر الحال كذلك حتى اليوم الحادي عشر من شهر يونيو سنة 1882 عندما وقعت مذبحة الإسكندرية الشهيرة (أنظر مذبح




    الموسوعة : احمد عرابي ، زعيم وطني حتى النخاع ....
    خالد محمد الذكري
    خالد محمد الذكري
    عضو نشط


    عدد المساهمات : 514
    نقاط : 682
    الموقع : علي الأرض

    الموسوعة : احمد عرابي ، زعيم وطني حتى النخاع ....  Empty موضوع جميل

    مُساهمة من طرف خالد محمد الذكري الإثنين يناير 03, 2011 11:15 am

    الموسوعة : احمد عرابي ، زعيم وطني حتى النخاع ....  Thanksdisneyapplemj0

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين نوفمبر 25, 2024 9:16 pm