الانترنت : تعد الإنترنت أحدث وسيلة إعلامية، وهي عالمية الانتشار، سريعة التطور، "وكلمة إنترنت (Internet) تعني لغوياً: ترابط بين الشبكات، وبعبارة أخرى: شبكة الشبكات، حيث تتكون الإنترنت من عدد كبير من شبكات الحاسب المترابطة والمتناثرة في أنحاء كثيرة من العالم. ويحكم ترابط تلك الأجهزة وتحادثها بروتوكول موحد يسمى بروتوكول تراسل الإنترنت (TCP/IP)." (عبد القادر بن عبد الله الفنتوخ، الإنترنت للمستخدم العربي، الرياض، مكتبة العبيكان، ط1، 1419هـ، ص11).
فهي عبارة عن مجموعة ضخمة من شبكات الاتصال المرتبط بعضها ببعض، وتربط أجهزة الكمبيوتر عبر الخط الهاتفي، وعبر هذا الجهاز يستطيع المستخدم أن يرسل ما يشاء من معلومات، ويستقبل ما يريد.
وقد دخلت الإنترنت جميع مجالات الحياة، فهناك مواقع خاصة للأخبار، وأخرى لشتى الأفكار، وهناك المواقع العلمية المتخصصة، والاقتصادية والاجتماعية والتجارية والمهنية والفكاهية والسياسية والدينية والإدارية.. مما جعل لها آثاراً واضحة في نظام الاتصال العالمي الجديد، حتى صارت الإنترنت أول منتدى عالمي، وأعظم مكتبة عالمية، ولأول مرة في التاريخ أصبح بمقدور أعداد لا حصر لها من البشر التواصل فيما بينهم بيسر وسهولة، مستخدمين الصوت والصورة بشكل حي ومباشر مهما بعد المكان، وبقليل من التكلفة المالية.
وقد دخلت فيها القنوات الفضائية التلفزيونية، والصحف اليومية، والمجلات الدورية، وجلّ وسائل الاتصال الأخرى، لذلك صارت جامعة لكل الوسائل تقريباً.
وهذه الشبكة بالغة الأهمية والخطورة، لها القدرة الخارقة على اختزال المسافات وطي الزمن، ويزداد أعضاؤها يوماً بعد يوم، حتى نافست بأهميتها القنوات التلفزيونية، لكنها تتميز عن التلفزيون بعدة أوجه، أولها أن الفرد العادي المشترك في الإنترنت يتساوى مع أضخم الشركات الإعلامية في نشر ما يريد، لا يمنعه مانع، ولا يراقبه رقيب.
والإنترنت أداة محايدة كغيرها من وسائل الإعلام، فيها خير كثير، وفيها شر خطير.
وقد استُخدمت استخداماً سلبياً زادت فيه خطورتها على القنوات التلفزيونية الإباحية، ذلك أنه لا يكتفي مشاهد الإنترنت بالصور العارية والأفلام الخليعة- كما يرى في التلفزيون- بل يستطيع أن يتكلم مع تلك الشخصيات الماجنة، وينتقل التأثير فيه من المشاهدة إلى العمل، فيقيم الصداقات والصِّلات، وكثيراً ما بلغت معرفته بهؤلاء الأشخاص الإباحيين الشاذين حدّ تخريب فطرته الإنسانية.
وتُبَيِّن إحدى التقديرات أن تداول المواد الإباحية يشغل 5% من اتصالات الإنترنت، وأن فيها حوالي مليون صورة جنسية، كما توفر معلومات واضحة عن بيوت الدعارة في كثير من مدن العالم. (محمد منير سعد الدين، الإعلام قراءة في الإعلام المعاصر والإسلامي، بيروت، دار بيروت المحروسة، ط2، 1418هـ/1998م، ص276).
وفيها مواقع تتعلق بالانتحار، ومواقع تشجع العنف وارتكاب الجريمة، ومواقع فكرية متطرفة؛ دينية وسياسية وعنصرية.. ترمي إلى تخريب الشباب، وقتل طموحاتهم وهممهم، وجعلهم أداة هدم بدلاً من أن يكونوا أداة بناء.
وكل الطوائف الدينية والمذاهب العقائدية لها مواقعها على الإنترنت، تدعو إلى أفكارها ومبادئها، وكثير من هذه الطوائف ضالة غريبة عجيبة، "تتسابق وتتنافس في التبشير والتعريف بمعتقداتها من خلال الشبكة، وكل طائفة منها تدّعي أنها تكسب معتنقين جدداً لديانتها." (محمد منير سعد الدين، الإعلام قراءة في الإعلام المعاصر والإسلامي، (مرجع سابق)، ص285).
إن شبكة الإنترنت لها جوانب كثيرة تجعلها وسيلة متميزة للدعوة الإسلامية، وهذه الجوانب هي: (محمد منير سعد الدين، الإعلام قراءة في الإعلام المعاصر والإسلامي، (مرجع سابق)، ص287)
1_ وسيلة اتصال سريعة تمكن الداعية من الاتصال بأفراد مختلفين في أماكن مختلفة بأقل تكلفة، وهو ما يمكن من الحوار الفردي أو الجماعي، والمجادلة بالتي هي أحسن.
2_ إمكانية أن يبث فيها الفرد أو الجماعة ما يشاؤون، فكل مشارك في الإنترنت مرسِل ومستقبِل دون أن يكون تحت أي تأثير إلا ما يملي عليه فكره واتجاهه.
3_ إمكان إيصال دعوة الإسلام من خلال هذه الشبكة إلى أعداد كبيرة تقدَّر بالملايين.
4_ إن الإحصاءات تدل على أن المواد الدينية من المواد التي تحظى بإقبال واسع، وأن الباحثين عنها كثيرون، وأن المساحات المخصصة لها تفوق ما هو مخصص لغيرها، كالهندسة والرياضيات، وهذا يدل على الظمأ الروحي الذي تشعر به آلاف الأرواح الباحثة عما يروي غلتها من خلال هذه الشبكة.
5_ إن هذه الشبكة سَخّرها أناس لأفكارهم الضالة المنحرفة باسم الإسلام، فيجب تصحيح هذا الخطأ, ووضع الحق في نصابه، وأن يمثل الإسلام أهله الحقيقيون لا الأدعياء.
ولعل أكبر مثل على ذلك ما تفعله الطائفة القاديانيّة من نشر أفكارها الخاطئة، مستخدمة هذه الوسيلة الإعلامية.
من أجل هذا كله ألا يجدر بالمسلمين أن يقتحموا غمار شبكة الإنترنت، ويصححوا الأخطاء، ويرشدوا الضال، ويهدوا التائه.
ولقد بدأ بعض الإعلاميين المسلمين بالعمل، وظهرت كثير من المواقع الإسلامية، لكن هذه المواقع تشكو قلتها أولاً، وإن وجدت فقد تكون ضعيفة بحاجة إلى قدرات كبيرة لترقى إلى مستوى المواجهة.
والحقيقة أن هذا الأمر لا يحتاج للدعاة الإعلاميين المسلمين فحسب، بل يحتاج لأموال كثيرة، وجهود متضافرة، كي نؤدي واجبنا الإسلامي نحو هذه الدعوة السماوية